بسم الله الرحمن الرحيم
نكمل معكم الجواب على هذا البرنامج وصاحبه الكذووووب
(1) زعم السلفي انه لقي عدد من المستبصرين من الشوام والمغاربة من يعتقدون بتحريف القرآن.
الجواب: قد انكشفت عورة هذا السلفي الذي لم يتوقف عن الكذب ونحن يوميا نلتقي بعشرات المستبصرين وهو يلتقي بالمستبصرين في شبكة انترنت ويستمع إلى أقوال المستبصرين وهو الآن يحاور مستبصر في الحلقات وهو من مصر الحبيبة وينفي التحريف وأنا أتحداه أن يثبت انه صادق ولكن هذا الرجل لا يتوقف عن الكذب .
(2) الشيخ الوهابي زعم أن الشيعة هم من أثاروا الفتنة ولذلك الشيخ القرضاوي تنبه للقضية ووقف بوجه الشيعة. لان سمع بأذنيه شتم أبي بكر وعمر وتحريف القرآن.
الجواب: هذا الرجل يكذب لم يهدد أحد من الشيعة القرضاوي بالقتل والقرضاوي عضو في مجمع التقريب ولكن القرضاوي مستاء جدا من انتشار التشيع في المناطق السنية وهذا ما صرح به في الفضائيات ولم يتكلم عن سب أبي بكر أو التحريف كم هذا يعشق الكذب وإنما المعروف أن أتباع هذا الوهابي هم من كانوا يشتمونه وألفوا كتاب سموه الكلب العاوي يوسف القرضاوي .
(3) زعم العرعور أن الشيعي لا يمكن أن يكون شيعيا إلا إذا كان يعتقد بالتقية وتحريف القرآن وكفر الشيخين.
الجواب: قد اجبنا عن هذا الافتراء ولكن يبدو أن هذا الشيخ الوهابي يعشق التدليس والكذب والافتراء حيث بينا في معرض الرد على رأي الشيعة انه أطبقت الشيعة الإمامية على سلامة القرآن من التحريف .
(4) زعم انه ناظر شيعة و أنهم أنكروا التحريف ثم قال الشيعة أن المهدي يخرج المصحف ففي أول القضية نكروا التحريف ثم بالأخير زعموا أن المصحف الجديد سوف يخرجه الحجة (عجل الله فرجه).
الجواب: نحن لا نعدل عن القرآن الذي بين الدفتين وأن الرواية مرسلة عن أبي ذر وهي موجودة في كتاب الاحتجاج ولا يعتد بها ولو سلمنا جدلا بصحة الرواية أن المهدي عنده قرآن يخرجه فالمقصود هو تفسير القرآن ومتنه وهذا ما أطبقت عليه الطائفة الإمامية الحقة أن هذا القرآن لا نعدل عنه وهو ما جاء به الوحي الإلهي .
(5) زعم العرعور انه نقل من أمهات الكتب الشيعية بالتحريف , و جاء بقول المفيد أن أئمة الضلال حرفوا القرآن .
الجواب: قبح الله فكر هذا شيخهم ويعتمد على الكذب والتدليس لإقناع الآخرين وقد بينا أعلاه أن الشيخ المفيد ينفي التحريف وإنما هو بتر قول المفيد ليكذب على الناس.
(6) قال المحاور جابر أن السنة هم من قالوا بالتحريف, ضحك العرعور, وأتى بحديث الداجن وغيرها من أحاديث الإتقان في علوم القرآن للسيوطي, ثم أتى بحديث عمر عن آية الشيخ والشيخة الخ...... .
أقول : كلام المحاور المستبصر صحيح ولولا أن المحاور من دعاة الوحدة الإسلامية لذكر عشرات الأدلة وان من أولويات مذهب السنة القول بالتحريف وصرح جمع مع علماء السنة بوقوع الخطأ والنقص بالقرآن فلا باس أذكر بعض الأدلة على صحة كلام جابر .
· (1) أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني
عقد في كتابه فصلا قال فيه باب ما غير الحجاج في مصحف عثمان راجع المصاحف[1] وقال في فصل آخر : باب ما كتب الحجاج بن يوسف في المصحف.[2]
قال في المصاحف :
حدثنا أبو حاتم السجستاني ، حدثنا عبّاد بن صهيب ، عن عوف بن أبي جميلة ، أنّ الحجاج بن يوسف غيّر في مصحف عثمان أحد عشر حرفا ، قال :
كانت في البقرة ( لم يتسن وانظر ) بغير هاء ، فغيرها (( لم يتسنه )).
وكانت في المائدة ( شريعة ومنهاجا ) فغيرها (( شرعة ومنهاجا ))
وكانت في يونس ( هو الذي ينشركم ) فغيرها (( يسيركم ))
وكانت في يوسف ( أنا آتيكم بتأويله ) فغيرها (( أنا أنبئكم بتأويله ))
وكانت في المؤمنين ( سيقولون لله لله لله ) ثلاثتهن فجعل الأخريين.
وكانت في الشعراء في قصة نوح ( من المخرجين ) وفي قصة لوط ( من المرجومين ) ، فغير قصة نوح ((من المرجومين )) وقصة لوط (( من المخرجين )).
وكانت في الزخرف ( نحن قسمنا بينهم معايشهم ) فغيرها (( معيشتهم ))
وكانت في الذين كفروا ( من ماء غير ياسن ) فغيرها (( من ماء غير آسن ))
وكانت في الحديد ( فالذين آمنوا واتقوا لهم أجر كبير ) فغيرها ((وأنفقوا ))
وكانت في إذا الشمس كورت ( وما هو على الغيب بظنين ) فغيرها (( بضنين )).
ابن أبي داوود السجستاني هو ابن صاحب احد السنن المهمة والبعض اعتبر أن ابنه اعلم منه والبعض اعتبر الأب أفضل منه لم نرى أحد من طبقته ومن كان بعده رد عليه وهذا يدل على أن أصل فكرة التحريف مقبولة عند مدرسة الخلفاء.
· (2) مالك بن أنس الأصبحي
أبو عبدالله المدني، إمام المالكية، ومقامه وعلو قدره وجلالته عند السنة أشهر من أن يحتاج إلى بيان، وقد ذهب إلى فقدان مصحف عثمان، وأن الموجود بين الدفتين ليس هو المصحف الذي جمعه عثمان بن عفان ونشره في البلدان، بل هو مصحف آخر.
قال أبو بكر بن أبي داود في المصاحف :
حدثنا أبو الطاهر ، حدثنا ابن وهب، قال: سألت مالكا عن مصحف عثمان رضي الله عنه. فقال: ذهب.[3]
· سند الخبر إلى مالك:
1- أبو بكر بن أبي داود، وهو عبدالله بن سليمان بن الأشعث السجستاني. قال فيه الذهبي: الإمام، العلاّمة، الحافظ، شيخ بغداد، أبو بكر السجستاني. وقال أيضا: وكان من بحور العلم، بحيث أن بعضهم فضله على أبيه.[4]
2- أحمد بن عمرو بن عبدالله بن عمرو بن السرح، الأموي، أبو الطاهر، المصري. قال فيه ابن حجر: ثقة.[5]
3- عبدالله بن وهب بن مسلم القرشي، أبو محمد، المصري. قال فيه ابن حجر: ثقة، حافظ، عابد.[6]
· (3) مجاهد بن جبر المكي
قال الحافظ ابن عبد البر الأندلسي في التمهيد :
وروى أبو نعيم الفضل بن دكين[7] ، قال حدثنا سيف[8] ، عن مجاهد ، قال : كانت الأحزاب مثل سورة البقرة أو أطول ، ولقد ذهب يوم مسيلمة قرآن كثير ، ولم يذهب منه حلال ولا حرام .[9]
· (4) سفيان بن سعيد الثوري
قال الحافظ عبد الرزاق الصنعاني في المصنف : قال الثوري :
وبلغنا أن أناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم كانوا يقرؤون القرآن أصيبوا يوم مسيلمة فذهبت حروف من القرآن .[10]
· (5) محمد بن مسلم بن شهاب الزهري
قال أبو بكر بن أبي داود في المصاحف :
حدثنا أبو الربيع ، أخبرنا ابن وهب ، قال أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال :
بلغنا أنه كان أنزل قرآن كثير ، فقتل علماؤه يوم اليمامة ، الذين كانوا قد وعوه ، ولم يعلم بعدهم ولم يكتب ، فلما جمع أبو بكر وعمر وعثمان القرآن ولم يوجد مع أحد بعدهم ، وذلك فيما بلغنا حملهم على أن يتتبعوا القرآن ، فجمعوه في الصحف في خلافة أبي بكر خشية أن يقتل رجال من المسلمين في المواطن معهم كثير من القرآن فيذهبوا بما معهم من القرآن ، فلا يوجد عند أحد بعدهم ، فوفق الله تعالى عثمان ، فنسخ ذلك الصحف في المصاحف ، فبعث بها إلى الأمصار ، وبثها في المسلمين .[11]
· (6) أحمد بن حنبل
ورد في كتاب مسائل الإمام أحمد بن حنبل برواية إسحاق بن إبراهيم النيسابوري :
سألت أبا عبد الله عن هذه الآية : (( أفلم ييأس الذين آمنوا أنْ لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً )) وكيف تقرأ ؟ قال : أما ابن عباس فكان يقول : أخطأ الكاتب ، إنما هي : ) أفلم يتبين الذين آمنوا( ، ثم قال : لا أعلم لها معنى في كتاب الله عز وجل : ييأس
وهنا نرى أن احد من الأئمة رد على الإمام احمد ممن عاصروه ولا ممن جاء بعده وهذا يدل على أن فكرة التحريف تلقته المدرسة السنية بالقبول.
· (7) أبو عمرو وعيسى بن عمر
وذهب إلى خطأ قراءة قوله تعالى (( إنّ هذان لساحران )) من علماء السنة أبو عمرو وهو زبان بن العلاء التميمي أحد القراء السبعة.[13]وعيسى بن عمر الهمداني الأسدي الكوفي ، وهو أحد كبار القراء عند السنة .[14]
نقل ذلك عنهما عدة من المفسرين منهم الطبري وابن الجوزي والقرطبي والفخر الرازي .[15]
· كلام ابن تيمية
... وأيضاً فإن السلف أخطأ كثير منهم في كثير من المسائل ، واتفقوا على عدم التكفير بذلك ، مثل ما أنكر بعض الصحابة أن يكون الميت يسمع نداء الحي ، وأنكر بعضهم أن يكون المعراج يقظة ، وأنكر بعضهم رؤية محمد صلى الله عليه (وآله) وسلم ربه ، ولبعضهم في الخلافة والتفضيل كلام معروف ، وكذلك لبعضهم في قتال بعض ، ولعن بعض ، وإطلاق تكفير بعض أقوال معروفة ، وكان شريح يذكر قراءة من قرأ ( بل عجبتُ) ويقول إنّ الله لا يعجب ، فبلغ ذلك إبراهيم النخعي فقال : إنما شريح شاعر يعجبه علمه ، كان عبد الله أفقه منه ، وكان يقول (بل عجبتُ)[16]، فهذا أنكر قراءة ثابتة ، وأنكر صفة دل عليها الكتاب والسنة ، واتفقت الأمة على أنه إمام من الأئمة ، وكذلك بعض السلف ، أنكر بعضهم حروف القرآن مثل إنكار بعضهم قوله : (( أَفَلَمْ ييئس الَّذِينَ آمَنُوا ))[17] ، وقال إنما هي ( أولم يتبين الذين آمنوا) ، وإنكار الآخر قوله : (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ))[18] ، وقال إنما هي : ( ووصى ربك ) ، وبعضهم كان قد حذف المعوذتين ، وآخر يكتب سورة القنوت ، وهذا خطأ معلوم بالإجماع والنقل المتواتر ، ومع هذا لم يكن تواتر النقل عندهم بذلك لم يكفروا ، وإن كان يكفر بذلك من قامت عليه الحجة بالنقل المتواتر .[19]
· موقف ابن مسعود من المعوذتين
روى البخاري في صحيحه بالإسناد عن زر ، قال : سألت أبي بن كعب ، قلت: أبا المنذر ، إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا. فقال أبي : سألت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فقال لي: قيل لي فقلت ، فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم.[20]
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح قول زر (( يقول كذا وكذا )): هكذا وقع اللفظ مبهما ، وكأن بعض الرواة أبهمه استعظاما له ، وأظن ذلك من سفيان ، فإن الإسماعيلي أخرجه من طريق عبد الجبار بن العلاء عن سفيان كذلك على الإبهام ، وكنت أظن أولا أن الذي أبهمه البخاري ، لأني رأيت التصريح به في رواية أحمد عن سفيان ولفظه (( قلت لأبي: إن أخاك كان يحكها من المصحف )) وكذا أخرجه الحميدي عن سفيان ، ومن طريقه أبو نعيم في ((المستخرج )) ، وكان سفيان تارة يصرح بذلك وتارة يبهمه ، وقد أخرجه أحمد أيضا وابن حبان من رواية حماد بن سلمة عن عاصم بلفظ: (( إن عبد الله بن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه )) وأخرج أحمد عن أبي بكر بن عياش عن عاصم بلفظ (( إن عبد الله يقول في المعوذتين )) وهذا أيضا فيه إبهام ، وقد أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي قال: ((كان عبد الله بن مسعود يحك المعوذتين من مصاحفه ، ويقول إنهما ليستا من كتاب الله )) قال الأعمش وقد حدثنا عاصم ، عن زر ، عن أبي بن كعب فذكر نحو حديث قتيبة الذي في الباب الماضي ، وقد أخرجه في آخره يقول (( إنما أمر النبي ( ص ) أن يتعوذ بهما )) قال البزار ولم يتابع ابن مسعود على ذلك أحد من الصحابة.[21]
إلى أن قال الحافظ ابن حجر ردا على من ضعف الخبر المتقدم: والطعن في الرواية الصحيحة بغير مستند لا يقبل ، بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل.[22]
قال أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف:
حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد قال : رأيت عبد الله محا المعوذتين من مصاحفه ، وقال لا تخلطوا فيه ما ليس منه .[23]
وقال السيوطي في الدر المنثور:
أخرج أحمد والبزار والطبراني وابن مردويه بطرق صحيحة عن ابن عباس وابن مسعود أنه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول: لا تخلطوا القرآن بما ليس منه ، إنهما ليستا من كتاب الله ، إنما أمر النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أن يتعوذ بهما ، وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما .[24]
وقال أبو عبيد في فضائل القرآن :
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن ابن سيرين قال: كتب أبي بن كعب في مصحفه فاتحة الكتاب والمعوذتين و(( اللهم إنا نستعينك)) و(( اللهم إياك نعبد )) وتركهن ابن مسعود ، وكتب عثمـان منهـن فاتحة الكتاب والمعوذتين. ))[25]
قال الراغب الإصبهاني في المحاضرات:
وأثبت ابن مسعود في مصحفه (( لو كان لأبن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب))[26]
إلى أن قال: وأثبت ابن مسعود (( بسم الله )) في سورة البراءة.
إلى أن قال: وأسقط ابن مسعود من مصحفه أم القرآن والمعوذتين.[27]
وقال ابن الجوزي في فنون الأفنان في بيان عدد سور القرآن الكريم :
(( أما سوره ، فقال أبو الحسين بن المنادي : جميع سور القرآن في تأليف زيد بن ثابت على عهد الصديق وذي النورين مائة وأربع عشرة سورة ، فيهن فاتحة الكتاب والتوبة والمعوذتان ، وذلك هو الذي في أيدي أهل قبلتنا.
وجملة سوره على ما ذكر عن أبي بن كعب رضي الله عنه مائة وستة عشرة سورة ، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يسقط المعوذتين ، فنقصت جلته سورتين عن جملة زيد ، وكان زيد يلحقهما ويزيد إِلَيْهِمَا سورتين ، وهما الخلع والحفد. ))[28]
· الجمع بين ما تقدم وعرض القرآن على ابن مسعود
أخرج الحاكم بسنده عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : أي القرائتين ترون كان آخر القراءة ؟ قالوا : قراءة زيد . قال : لا ، إنّ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم كان يعرض القرآن كل سنة على جبريل عليه السلام فما كانت السنة التي قبض فيها عرض عليه عرضتين ، فكانت قراءة ابن مسعود آخرهن.
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة ، وقال الذهبي : صحيح
أولا : حديث الغرانيق
وهذا الحديث رواه عدة من حفاظ علماء السنة في مصنفاتهم منهم الطبري في تفسيره وتاريخه وعبد بن حميد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، والبيهقي في الدلائل، والطبراني ، وسعيد بن منصور وابن المنذر، وابن مردويه ، وابن سعد في الطبقات الكبرى، وغيرهم، وهؤلاء من كبار رجال السنة ومحققيهم ، وحاصل هذا الخبر الباطل نعوذ بالله تعالى مما فيه أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قرأ بمكة سورة النجم، فلما بلغ هذا الموضع ((أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى)) ألقى الشيطان على لسانه (( تلك الغرانيق العلى وأن شفاعتهن لترتجى )) وفي رواية زيد فيها (( ومثلهن لا ينسى )) فلما فرغ من قراءة السورة سجد وسجد معه المشركون.
وهذا الخبر نبرأ إلى الله عز وجل منه ولا نشك في أنه كذب بالرغم من تصحيح عدة من أعلام السنة ورجالاتهم له، فقد صححه ابن الحجر والسيوطي، وأرسل ابن الأثير ذلك في تاريخه إرسال المسلمات، وأورده الطبري بعدة طرق صحح بعضها من تقدم ذكره،
وتفسير الطبري الذي أورد فيه الخبر بعدة طرق يقول فيه ابن تيمية:
(( أما التفاسير التي بين أيدي الناس فأصحها تفسير محمد بن جرير الطبري، فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن المتهمين كمقاتل بن بكير والكلبي. ))[30]
وهذا الخبر أرسله البغوي في تفسيره إرسال المسلمات، وهذا التفسير يقول فيه ابن تيمية:
(( ... وأما التفاسير الثلاثة المسئول عنها، فأسلمها من البدع والأحاديث الضعيفة البغوي، لكنه مختصر تفسير الثعلبي، وحذف منه الأحاديث الموضوعة، والبدع التي فيه، وحذف أشياء غير ذلك. ))[31]
وهذا الخبر روي بألفاظ مختلفة نذكر بعضها :
1- قال السيوطي في الدر المنثور :
وأخـرج ابـن جـريـر، وابن المنذر، وابن أبي حاتم بسند صحيح عن أبي العالية قال: (( قال المشركون لرسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لو ذكرت آلهتنا في قولك قعدنا معك، فإنه ليس معك إلا أراذل الناس وضعفاؤهم، فكانوا إذا رأونا تحدث الناس بذلك فأتوك. فقام يصلي، فقرأ النجم حتى بلغ (( أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى)) تلك الغرانيق العلى، وشفاعتهن ترتجى، ومثلهن لا ينسى، فلما فرغ من ختم السورة، سجد، وسجد المسلمون والمشركون، فبلغ الحبشة أن الناس قد أسلموا، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك} إلى قوله {عذاب يوم عظيم}. ))[32]
2- وقال أيضا :
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال: (( قرأ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم بمكة النجم، فلما بلغ هذا الموضع {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} ألقى الشيطان على لسانه (( تلك الغرانيق العلى وأن شفاعتهن لترتجى ))، قالوا: ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم، فسجد وسجدوا، ثم جاء جبريل بعد ذلك، قال: اعرض علي ما جئتك به. فلما بلغ (( تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى )) قال له جبريل: لم آتك بهذا، هذا من الشيطان، فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولانبي}. ))[33]
يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في مقام الرد على من أنكر هذا الخبر:
(( وقد تجرأ أبو بكر بن العربي كعادته، فقال: ذكر الطبري في ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها، وهو اطلاق مردود عليه، وكذا قول عياض: هذا الحديث لم يخرجه أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل مع ضعف نقلته واضطراب رواياته وانقطاع إسناد، وكذا قوله: ومن حملت عنه هذه القصة من التابعين والمفسرين لم يسندها أحد منهم ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم في ذلك ضعيفة واهية، قال: وقد بين البزار أنه لا يعرف من طريق يجوز ذكره إلا طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير مع الشك الذي وقع في وصله، وأما الكلبي فلا تجوز الرواية عنه لشدة ضعفه. قال ابن حجر: ثم رده من طريق النظر بأن ذلك لو وقع لارتد كثير ممن أسلم، قال: ولم ينقل ذلك. ))
قال ابن حجر :
(( وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد، فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك عن أن لها أصلا، وقد ذكرت ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل، وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض. ))[34]
وهذا الخبر باطل بلا ريب، إذ لو صح لما بقي مجال للاعتماد على القرآن الكريم ولا على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالطرق المتواترة فضلا عن الصحيحة، لأن الشيطان لو ألقى ذلك مرة فلا مانع أن يلقيه مرارا أخرى، والوقوع دليل الإمكان، وحتى يصل الشك إلى نزول قوله عز وجل {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [35]
وهذه التهمة التي أقرها بعض علماء السنة وصححوها، وإن أنكرها آخرون كالرازي والقرطبي والقاضي عياض وغيرهم، أشد بمراتب ومراتب من القول بالتحريف والزيادة والنقصان، إذ مع هذه التهمة الباطلة والزيف المسموم لا مجال للاعتماد على القرآن وعلى باقي التعاليم جملة وتفصيلا.
ولم يقبل مثل هذه التهمة أحد من علماء الشيعة، وقولهم في عصمة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم مما لا يخفى على ذوى الاطلاع والمعرفة.
موضوع: جواب الحلقة 2 
الأحد سبتمبر 05, 2010 3:14 pm
